السبت، يوليو 09، 2011

علاقة الصورة والثقافة البصرية

علاقة الصورة والثقافة البصرية

الصورة بوصفها قيمة ثقافية تقع في مرحلة تالية بعد الشفاهية والتدوين والكتابية باعتبارها تمثل مع هذه المراحل الصيغ التعبيرية في الثقافة البشرية، ومن نتيجة تجلي الصورة بوصفها علامة ثقافية، ومصدر استقبال وتأويل، ودخول فئات بشرية عريضة إلى عالم الاستقبال الثقافي، وهي تلك الفئات التي كانت مهمشة في السابق، لذا يجزم د.عبدالله الغذامي قائلا: "جاءت الصورة لتكسر ذلك الحاجز الثقافي والتمييز الطبقي بين الفئات، فوسعت من دوائر الاستقبال وشمل ذلك كل البشر فتوسعت القاعدة الشعبية للثقافة وهذا دور خطير تحقق مع الصورة." (كتاب ثقافة الصورة).

ويرى أن هذا الدور تتمثل أيضاً في (زعزعة مفهوم النخبة) بحيث "صار الجميع سواسية في التعرف على العالم واكتساب معارف جديدة، والتواصل مع الوقائع والثقافات. بمعنى أنها فقدت دورها في القيادة والوصاية وتلاشت تبعاً لذلك رمزيتها التي كانت تملكها من قبل، ولم تعد الثقافة تقدم رموزاً فريدة لا في السياسة ولا في الاجتماع ولا في الفن والفكر وتلاشت الرمزية وحلت محلها (النجومية )".

تلعب الصورة بوصفها نصاً متحركاً، قابلاً للتصديق باعتبار أن الخبر المصور يحول المشاهد إلى شاهد عيان، نظرا لتدخل عناصر اضافية هامة (الاخراج والمونتاج) في العمل, حيث أثبتت بعض الدراسات أن جمهور المشاهدين لم يعد يصدق الصور، ولم يعد يأخذها كما هي، وإنما يتراوح بين تكذيب ساخر إلى تصديق أعمى.

وهناك صور تعد تاريخية لا تنسى, منها مثلاً صور الصعود إلى القمر التي تعرض (نيل آرمسترونج) وهو يخطو خطواته الأولى على سطح القمر، وصور حرب الخليج 1991، وغيرها. إن الصورة المبثوثة لتهشم البرجين عملت فعلاً على تهشيم قوانين التأويل في الثقافة البشرية، ويبرز الغذامي خمسة أسس تمثل ما يدعوه ب(نحو الصورة) وهي: إلغاء السياق الذهني للحدث، السرعة اللحظوية، التلوين التقنني، تفعيل النجومية وتحويل الحدث إلى نجومية ملونة، القابلية السريعة للنسيان أو إلغاء الذاكرة.

اجمالا يمكن القول أننا بفعل الثورة التكنولوجية نعيش عصر الصورة, ويعتبر التصوير الرقمى مميزا لحقبة ما بعد الحداثة, حتى قال "بودريان" أن العالم مجرد صورة نقلا عن صورة, نقلا عن صورة, وأصبحنا فى عالم تهيمن عليه الصورة والواقع فى خلفيتها, لم تعد هناك صورة وأصل, بل صور ذات أصول متعددة. انه اذن عالم أزرار الكترونية تجعل المرء يشعر ويحس باحساسات واقعية وهى ليست كذلك.

لقد أصبح التليفزيون أكثر أشكال الترفيه تأثيرا, حتى لعب دورا فى الحروب, وهناك ما سمى بالحروب التليفزيونية.. وهو ما جعل المفكر "بودريار" يقول: "ان الحرب لم تحدث فى الخليج", وهو يعنى أن الصور التى شاهدها الناس, ليست هى الصور الحقيقية للحرب فى الخليج! فضلا عن حالة الشعور بالظلم التى شعرت بها بعض الشعوب بسبب صور التليقزيون التى تنقل صور الحياة عند شعوب أخرى.

نظرا لهيمنة الصورة الافتراضية, انتهت بعض الدراسات الى اكتشاف مرض الادمان, وكمثل ادمان المخدرات والمسكرات مضرا, كذلك ادمان مشاهدة التليفزيون.. أو العاب الفيديو وغيرها, وان بدت مختلفة فى العديد من الجوانب.

ويمكن الاشارة الى بعض الملامح الناتجة عن التطورات التكنولوجية فى عصر الصورة:

التخوف من أن تحل الآلة محل العامل (حيث التكنولوجيا المتقدمة) – المعلومات أصبحت سلعة مباحة – انخفاض فى تكلفة خدمة المعلومات – حرية التداول وتهميش الاحتكار – التركيز على الترفيه – يقول "بليك" أن مقولة "مكلوهان" بوجود القرية العالمية (فى الستينيات) لم يعد لها وجود منذ التسعينيات, حيث تحول العلم الى مجموعة بنايات بها شقق وبها أناس كثر لا علاقة بينهم ...


بقلم: السيد نجم

المصدر: http://elmaramtoday.blogspot.com/2013/05/blog-post_3.html#ixzz2xbd8KFKt المصدر: www.elmaramtoday.blogspot.com/2013/05/blog-post_3.html#ixzz2xbd8KFKt
علاقة الصورة والثقافة البصرية

الصورة بوصفها قيمة ثقافية تقع في مرحلة تالية بعد الشفاهية والتدوين والكتابية باعتبارها تمثل مع هذه المراحل الصيغ التعبيرية في الثقافة البشرية، ومن نتيجة تجلي الصورة بوصفها علامة ثقافية، ومصدر استقبال وتأويل، ودخول فئات بشرية عريضة إلى عالم الاستقبال الثقافي، وهي تلك الفئات التي كانت مهمشة في السابق، لذا يجزم د.عبدالله الغذامي قائلا: "جاءت الصورة لتكسر ذلك الحاجز الثقافي والتمييز الطبقي بين الفئات، فوسعت من دوائر الاستقبال وشمل ذلك كل البشر فتوسعت القاعدة الشعبية للثقافة وهذا دور خطير تحقق مع الصورة." (كتاب ثقافة الصورة).

ويرى أن هذا الدور تتمثل أيضاً في (زعزعة مفهوم النخبة) بحيث "صار الجميع سواسية في التعرف على العالم واكتساب معارف جديدة، والتواصل مع الوقائع والثقافات. بمعنى أنها فقدت دورها في القيادة والوصاية وتلاشت تبعاً لذلك رمزيتها التي كانت تملكها من قبل، ولم تعد الثقافة تقدم رموزاً فريدة لا في السياسة ولا في الاجتماع ولا في الفن والفكر وتلاشت الرمزية وحلت محلها (النجومية )".

تلعب الصورة بوصفها نصاً متحركاً، قابلاً للتصديق باعتبار أن الخبر المصور يحول المشاهد إلى شاهد عيان، نظرا لتدخل عناصر اضافية هامة (الاخراج والمونتاج) في العمل, حيث أثبتت بعض الدراسات أن جمهور المشاهدين لم يعد يصدق الصور، ولم يعد يأخذها كما هي، وإنما يتراوح بين تكذيب ساخر إلى تصديق أعمى.

وهناك صور تعد تاريخية لا تنسى, منها مثلاً صور الصعود إلى القمر التي تعرض (نيل آرمسترونج) وهو يخطو خطواته الأولى على سطح القمر، وصور حرب الخليج 1991، وغيرها. إن الصورة المبثوثة لتهشم البرجين عملت فعلاً على تهشيم قوانين التأويل في الثقافة البشرية، ويبرز الغذامي خمسة أسس تمثل ما يدعوه ب(نحو الصورة) وهي: إلغاء السياق الذهني للحدث، السرعة اللحظوية، التلوين التقنني، تفعيل النجومية وتحويل الحدث إلى نجومية ملونة، القابلية السريعة للنسيان أو إلغاء الذاكرة.

اجمالا يمكن القول أننا بفعل الثورة التكنولوجية نعيش عصر الصورة, ويعتبر التصوير الرقمى مميزا لحقبة ما بعد الحداثة, حتى قال "بودريان" أن العالم مجرد صورة نقلا عن صورة, نقلا عن صورة, وأصبحنا فى عالم تهيمن عليه الصورة والواقع فى خلفيتها, لم تعد هناك صورة وأصل, بل صور ذات أصول متعددة. انه اذن عالم أزرار الكترونية تجعل المرء يشعر ويحس باحساسات واقعية وهى ليست كذلك.

لقد أصبح التليفزيون أكثر أشكال الترفيه تأثيرا, حتى لعب دورا فى الحروب, وهناك ما سمى بالحروب التليفزيونية.. وهو ما جعل المفكر "بودريار" يقول: "ان الحرب لم تحدث فى الخليج", وهو يعنى أن الصور التى شاهدها الناس, ليست هى الصور الحقيقية للحرب فى الخليج! فضلا عن حالة الشعور بالظلم التى شعرت بها بعض الشعوب بسبب صور التليقزيون التى تنقل صور الحياة عند شعوب أخرى.

نظرا لهيمنة الصورة الافتراضية, انتهت بعض الدراسات الى اكتشاف مرض الادمان, وكمثل ادمان المخدرات والمسكرات مضرا, كذلك ادمان مشاهدة التليفزيون.. أو العاب الفيديو وغيرها, وان بدت مختلفة فى العديد من الجوانب.

ويمكن الاشارة الى بعض الملامح الناتجة عن التطورات التكنولوجية فى عصر الصورة:

التخوف من أن تحل الآلة محل العامل (حيث التكنولوجيا المتقدمة) – المعلومات أصبحت سلعة مباحة – انخفاض فى تكلفة خدمة المعلومات – حرية التداول وتهميش الاحتكار – التركيز على الترفيه – يقول "بليك" أن مقولة "مكلوهان" بوجود القرية العالمية (فى الستينيات) لم يعد لها وجود منذ التسعينيات, حيث تحول العلم الى مجموعة بنايات بها شقق وبها أناس كثر لا علاقة بينهم ...


بقلم: السيد نجم



ضع تعليقك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق